مات فلان .. وغداً سـ[تموت] !

قال الله تعالى :{وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيد}[ق : 19]

كل باكٍ فـ سيُبكى ..

و كلُ ناعٍ فـ سينُعى ..

و كلُ مذخورٍ سـ يفنى ..

و كلُ مذكورٍ سـ ينسى ..

ليس غير الله يبقى !


نموت كل يومٍ و الموت الأخير يفجعنا !


تخيلوا معي للحظة أن ملك الموت أتى ليأخذ روحك ؛ فماذا أنت صانع ؟

كم من الوقت سـ يكفيك لتعيد ترتيب أمورك ؟!

لن تستطيع و لا للحظة أن توقف الزمن و تذكر ربك و تطيع أمك و تبر أباك و تصل رحمك و تقرأ القرآن فتخشع

و تبكي و تدمع عينك في صلاة تقيمها لله وحده ، لن تستطيع الاستغفار ؛ و طلب السماح ممن قد اغتبتهم و خاصمتهم

لن تستطيع أن تصنع عملاً و لا تنطق بكلمة ، فحياتك انتهت!



قال تعالى :{حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ(99)
لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَاتَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}
[المؤمنون:100،99]


قال رب ارجعون !

لن تعود ، لن نعود .. إذا متنا لن نعود !

صلاتك .. هل أديتها في وقتها ؟

ماذا تسمع كل يوم ؟ طربٌ و غناء !

نلهو و نلعب و نسخر من الآخرين و ننسى أننا يوماً مغادرون لهذه الدنيا الزائفة الزائلة

يقول الشاعر ابن مشرف :

هو الموت ما منه ملاذ و مهرب

متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب

نشاهد ذا عين اليقين حقيقية

وعل الردى مما نرجيه أقرب

ونبني القصور المشجرات في الهواء

وفي علمنا أنّا نموتوتخرب

إلى الله نشكو قسوة في قلوبنا

وفي كل يوم واعظاً لموتٍيندب

و لله كم غاد حبيب و رائح

نشيعه للقبر و الدمع يسكب

نهيل عليه الترب حتى كأنه

عدو و في الأحشاء نار تلهب

نسمع عن الآلاف يموتون / في كل لحظة .. و ننسى أننا سـنموت !



هذا القبر .. هذه الحفرة التي سنوضع فيها يوماً


ما الذي ينتظرنا هناك ؟ اللحد مطبقٌ علينا و الظلمة و الوحشة تأسرنا و الأحباب و الأصحاب يمضون و يتركوننا .. و الدود ينهشنا !






ماذا سنخلّف من بعدنا ؟ أشرطة نأثم عليها أم صور و محرمات تخزنها أجهزتنا المحمولة ؟

مالذي سـيسعدنا في القبر ؟ كذبنا على فلانٍ و فلانةٍ ؟ أم لهونا في ليالٍ طوال ؟



في القبر سيأتينا منكر و نكير [الملكان اللذان يسألان المرء عن ربه و دينه و نبيه]


قال صلى الله عليه وسلم:"إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع
قرع نعالهم إذا انصرفوا أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان:ما كنت تقول في هذا الرجل محمد؟
فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله،فيقال له: أنظر إلى مقعدك من النار
أبدلك الله به مقعداً من الجنة،فيراهما جميعاً، وأما الكافر أو المنافق فيقول: لاأدري
كنت أقول ما يقول الناس فيه،فيقال لا دريت ولا تليت،ثم يضرب بمطرقة من حديد بين
أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين" [رواه البخاري ومسلم]

اسئل الله أن يثبتنا عند السؤال ..


في القبر سيكون عملنا الصالح فقط أنسنا .. العمل الصالح يجعل القبر روضة من رياض الجنة ..


فأين نحن من العمل للآخرة ؟


يقول رسول الله صلوات ربي و سلامه عليه :

"إن القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أيسر منه وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه"

فمتى نصحو من غفلتنا ؟

وكم قائل واحسرتا ليت أننا

نرد إلى الدنيا ننيب و نرهب

فما نحن في دار المنى غير أننا

شغفنا بدنيا تضمحل و تذهب



سـنموت !

كلنا!


متى ؟ و أين .. الله فقط من يعلم ذلك

إحدى قريباتي قبل أيام توفيت بينما كانت مسافرة لتزور أهلها

و بعد مكالمتها الأخيرة لهم لتخبرهم أن لم يتبقى إلا أقل من الساعة على وصولهم

تعرضت لحادث مع زوجها و توفيت غفر الله لها و أسكنها فسيح جنانه ..

رحلت و لم ترى أهلها .. قدِّمت لهم محمولة بين الأيدي ..

لم ينتظرها الموت حتى تلقي على أهلها السلام .. إنها سكرة الموت

قال تعالى :{فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَ لاَ يَسْتَقْدِمُونَ}


/


و قبل أسبوعين وقعت والدة جدتي وهي تنزل من الدَرَج [السلالم]

فكُسرت ساقها .. و بعد يومين كانت قد أيقظت نفسها في الليل للصلاة و بعد أذان الفجر

قال لها خالي : يمّه ارتاحي حتى أرجع من الصلاة و أوقضك لـ تصلين ..

فـ امتنعت و صلّت الفجر و بعد ما عاد من الصلاة وجدها قد توفت رحمة الله عليها

الله يغفر لها و يسكنها فردوسه الأعلى مع الأنبياء و الصالحين ..

عمرها فوق الـ90 سنة لكن الموت يأتي بغتة قد يموت طفل

لم يبلغ عمره سنة و قد يموت بعد 100 عام

يقول تبارك و تعالى :{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران:185]

وقال القرطبي:[وأجمعت الأمة على أن الموت ليس له سن معلوم،و لا زمن معلوم،و لا
مرض معلوم،وذلك ليكون المرء على أهبة من ذلك، مستعداً لذلك]

[الموت] يفارق الروح عن الجسد ، و ينقلنا من درا الفناء [الدنيا] إلى دار البقاء [الآخرة]

تطوى صحائف أعمالنا .. فـلا فرصة لنا لعملٍ و لا توبة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

" إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر"[ رواه الترمذي وابن ماجة]

فلماذا لا نتوب ؟


أننتظر الموت يباغتنا ؟ باب التوبة مفتوح الآن و نحن غافلون !

كم من أعمالٍ ارتكبناها تهاوناً ، عصينا ربنا و لم نستغفره من ذنوبنا

- يؤذن المؤذن و من ثم يقيم للصلاة و نحن جالسون على أجهزتنا فلا ننهض حتى يمضي وقت الصلاة

- يأمرنا إحدى والدينا بإحضار شيء أو بعمل ما فنتأفف أو نرفض بحجة أن أختي أو أخي الآخر جالسون بلا عمل !

- نلقي بالأذى في الطريق ..

- غش بعض الطلاب أو الطالبات في الإختبارات ..

- و قد تخرج الواحدة منّا متعطرة و تنسى حديث الرسول صلى الله عليه و سلم :

"أيما امرأة استعطرت فمرّت بقوم ليجدوا ريحها فهي زانية"[ رواه الإمام أحمد وغيره ]

- مجالسنا لم تعد تخلو من الغيبة و الضحك على فلانٍ و السخرية من الآخر ..
و نحن نشارك في الضحك إن لم نكن مِن مَن يغتاب !

- و في منتصف الليل يجتمع الكثير في سهرة يملؤها صخب الموسيقى ، يستمتعون بها
و بـ الرقص و الغناء .. و يتكاسلون أن يركعوا ركعة لله في إحدى هذه الليالي !

يهوّن إلينا الشيطان هذه الأعمال و غيرها الكثير .. و نحن الخاسرون

قال تعالى:{إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم
بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ}[النور :15]

و قوله :{ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
[النحل : 63 ]

لا ندري متى أجلنا ..!

كما رأيتم في مقطع اليوتوب الموجود في بداية الموضوع

شيخٌ مات و هو يلقي درسه على طلابه

و آخر مات و هو في ساحة الملعب

و ذلك وقعت عليه بناية ، و الآخر مات في حادث

و ذاك مات متفرجاً على "تفحيط" و صاحبه من قتله !

لا نعلم متى نموت ..!

قد لا نستيقظ بعد نومنا و قد نموت في طريقنا للمدرسة أو للجامعة أو لنزهة كانت

ربما و نحن نأكل أو نلعب أو بين أهلنا و صحبتنا !

{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ
وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَـقَسَتْ قُلُوبُهُمْ
وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ * اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ َعْقِلُونَ}
[الحديد: 16، 17]

/

لا أعلم إن كنتم سمعتم عن وفاة الشيخ عبدالعزيز الوهيبي في حادث غفر الله له و لمن معه

و هن زوجته و بناته الثلاثة ميمونة و الجازي و لينا ,, و شفى البقية من بناته و صبرهم على مصابهم

ميمونة رحمها الله ، بلغت من العمر 20 سنة ، و هي حافظة لكتاب الله كاملاً

عثر على وصيتها مكتوبة في دفتر محاضراتها في السيارة بعد الحادث

جداً مؤثرة غفر الله لها و أسكنها فسيح الجنان مع والديها و أختيها و جميع المسلمين ..

دقات قلب المرء قائلة له

إن الحياة دقائق وثوان

فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها

فالذكر للإنسان عمرٌ ثان

حقاً كفى بالموت واعظاً !

أخوتي و أخواتي/ فـ لنكثر من ذكر هادم اللذات حتى ترق قلوبنا و نكثر من الطاعات

و نكون مسامحين لبعضنا و أكثر ألفة و محبة

حتى نرغب بنعيم الجنّة و نسعى إلى ما قرّب إليها من قولٍ أو عمل

قال الدقاق :[من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، و قناعةالقلب، و نشاط العبادة،
ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، و ترك الرضىبالكفاف، و التكاسل في العبادة]

لـ نسأل الله حسن الختام

و لـنستعد و نعد قوتنا لـ يوم الحساب ؛ من الطاعات و ترك المنكرات ..

فـ من كان لسانه رطباً كثير الذكر لله .. اعتاد و ألف قلبه ذلك

و عند الموت يحضره ذكر الله و طاعاته ..

و العكس من ذلك من كان على المعاصي .. و العياذ بالله ،

نسأل الله السلامة و حسن الختام ..


/

ربما غداً سنموت .. ربما هذه الساعة ، أو هذه اللحظة !

و أنا سأترك هذا الموضوع خلفي يوماً و سأموت !

ربي إني سامحت كل من أخطئ علي و كل من اغتابني

و كل من أساء إلي !

ربي فاغفر لهم جميعاً و اعف عنهم ..

ربي فـ سامحني و اعف عنّي إن اخطئت يوماً و اغفر لي

و أرجو أن يسامحني الجميع إن كنت قد اخطأت معهم بقصد أو غير قصد

و أنا لن أقصد أذية أحدٍ أبداً ، و لكن قد يخطئ الإنسان دون علمه

فـ سامحوني ..

وحثوا مطايا الإرتحال وشمروا

إلى الله والدار التي ليستخرب

فما اقرب الاتى وأبعد مامضى

وهذا غراب البين في الدار ينصب

وصل إلهي ما همي الورق أوشدا

على الأيك سجاع الحمام المطرب

على سيد السادات والآل كلهم

وأصحابه ما لاح في الأفق كوكب

كل ما ذكرته بالتأكيد تعرفونه .. لكن من باب التذكير ..

شـكـرا لـلـمـرور

موضوع رائع

شكرا لك

شكرا للمرور

بارك الله فيك عالموضوع المميز

شكرا للمرور