- عمرو المصرىعضو متألق
- [ ڪِتـابَاتِيّ : 1536
[ جِنسك :
- [ آلتًسجيلٍ » : 23/08/2013
الفوائد من حديث حذيفة ( رضي الله عنه ) || 1 ||
الجمعة 7 مارس 2014 - 10:19
اولا : الحديث :
عن إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ (( كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ .
قَالَ : (( نَعَمْ )) .
فَقُلْتُ : هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ ؟ .
قَالَ : (( نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ )) .
قُلْتُ : وَمَا دَخَنُهُ ؟ .
قَالَ : (( قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ )). فَقُلْتُ : هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ .
قَالَ : (( نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا )) .
فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا .
قَالَ : (( نَعَمْ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا )) .
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ ؟ .
قَالَ : (( تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ )) .
فَقُلْتُ : فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ ؟ .
قَالَ : (( فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا ، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ )).
2 ) عَنْ أَبِي سَلَّامٍ قَالَ : قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ .
قَالَ : (( نَعَمْ )) .
قُلْتُ : هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ ؟ .
قَالَ : (( نَعَمْ )) .
قُلْتُ : فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ .
قَالَ : (( نَعَمْ )) .
قُلْتُ : كَيْفَ ؟ .
قَالَ : (( يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي ، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ )) .
قَالَ : قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ ؟ .
قَالَ : (( تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ ، وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ )).
3 ) عن عبد الرحمن بن قرط قال: دخلنا مسجد الكوفة فإذا حلقة وفيهم رجل يحدثهم فقال : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر كما أعرفه فأتقيه ، وعلمت أن الخير لا يفوتني ، قلت: يا رسول الله، هل بعد الخير من شر ؟! .
قال : (( يا حذيفة تعلم كتاب الله واعمل بما فيه )) ، فأعدت عليه القول ثلاثاً فقال في الثالثة : (( فتنة واختلاف ))
قلت : يا رسول الله، هل بعد ذلك الشر من خير؟ .
قال : (( يا حذيفة تعلم كتاب الله واعمل بما فيه ثلاثا ، ثم قال في الثالثة : هدنة على دخن ، وجماعة على قذى فيها )) .
قلت : يا رسول الله؛ هل بعد ذلك الخير من شر ؟ .
قال : (( يا حذيفة تعلم كتاب الله واعمل بما فيه ثلاثاً ، ثم قال في الثالثة فتن على أبوابها دعاة إلى النار فلأن تموت وأنت عاض على جذل خير لك من أن تتبع أحدا منهم )).
4 ) وقد جمع العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى زوائد هذه الحديث في سلسلته الصحيحة وضم بعضها إلى بعض فقال : قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير ، و كنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت :يا رسول الله ! إنا كنا في جاهلية و شر فجاءنا الله بهذا الخير [ فنحن فيه ]،[ وجاء بك ]، فهل بعد هذا الخير من شر [ كما كان قبله ؟ ] . [ قال : " يا حذيفة تعلم كتاب الله و اتبع ما فيه ، ( ثلاث مرات ) " . قال : قلت : يا رسول الله ! أبعد هذا الشر من خير ؟ ] . قال : (( نعم )) .
[ قلت : فما العصمة منه ؟ قال : "السيف " ] . قلت : و هل بعد ذلك الشر من خير ؟ ( و في طريق : قلت : و هل بعد السيف بقية ؟ ) قال : " نعم ، و فيه ( و في طريق : تكون إمارة ( و في لفظ :
جماعة ) على أقذاء ، و هدنة على ) دخن " . قلت : و ما دخنه ؟ .
قال : "قوم ( وفي طريق أخرى : يكون بعدي أئمة [ يستنون بغير سنتي و ] ، يهدون بغير هديي تعرف منهم و تنكر ، [ و سيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين ، في جثمان إنس ]" . ( و في أخرى : الهدنة على دخن ما هي ؟ قال : " لا ترجع قلوب أقوام على الذي كانت عليه " ) . قلت :فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : " نعم ، [ فتنة عمياء صماء ، عليها ] دعاة على أبواب جهنم ، من أجابهم إليها قذفوه فيها " . قلت : يا
رسول الله ! صفهم لنا . قال : " هم من جلدتنا ، و يتكلمون بألسنتنا " . قلت : [ يا رسول الله ! ] فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ .
قال : " تلتزم جماعة المسلمين وإمامهم ، [ تسمع و تطيع الأمير و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك ، فاسمع و أطع ] " .
قلت : فإن لم يكن لهم جماعة و لا إمام ؟ قال : " فاعتزل تلك الفرق كلها ، و لو أن تعض بأصل شجرة ، حتى يدركك الموت و أنت على ذلك " .
( و في طريق ) : " فإن تمت يا حذيفة و أنت عاض على جذل خير لك من أن تتبع أحدا منهم " . ( و في أخرى )
: " فإن رأيت يومئذ لله عز وجل في الأرض خليفة ، فالزمه و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك ، فإن لم تر خليفة فاهرب [ في الأرض ] حتى يدركك الموت و أنت عاض على جذل شجرة " . [ قال : قلت : ثم ماذا ؟ قال : " ثم يخرج الدجال " . قال : قلت : فبم يجيء ؟ قال : " بنهر - أو قال : ماء و نار - فمن دخل نهره حط أجره و وجب وزره ، و من دخل ناره وجب أجره و حط وزره " . [ قلت : يا رسول الله : فما بعد الدجال ؟.
قال : " عيسى ابن مريم " ] .
قال : قلت : ثم ماذا ؟ قال : " لو أنتجت فرسا لم تركب فلوها حتى تقوم الساعة " ] "
قال الألباني في : (( السلسلة الصحيحة 6 / 541 )) : قلت : هذا حديث عظيم الشأن من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم و نصحه لأمته ، ما أحوج المسلمين إليه للخلاص من الفرقة والحزبية التي فرقت جمعهم و شتت شملهم ، و أذهبت شوكتهم ، فكان ذلك من أسباب تمكن العدو منهم ، مصداق قوله تبارك و تعالى : *( و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم ) .
و قد جاء مطولاً و مختصراً من طرق ، جمعت هنا فوائدها ، و ضممت إليه زوائدها في أماكنها المناسبة .
مفردات الحديث :
( أسأله عن الشر ) أستوضحه عنه .
( مخافة أن يدركني ) خوفا من أن أقع فيه أو أدرك زمنه .
( دخن ) من الدخان أي ليس خيرا خالصا بل فيه ما يشوبه ويكدره وقيل الدخن الأمور المكروهة .
( تعرف منهم وتنكر ) أي ترى منهم أشياء موافقة للشرع ، وأشياء مخالفة له .
( جلدتنا ) من أنفسننا وقومنا وقيل هم في الظاهر مثلنا ومعنا وفي الباطن مخالفون لنا في أمورهم وشؤونهم وجلدة الشيء ظاهره .
( جماعة المسلمين ) عامتهم التي تلتزم بالكتاب والسنة .
( إمامهم ) أميرهم العادل الذي اختاروه ونصبوه عليهم .
( تعض بأصل شجرة ) أي حتى ولو كان الاعتزال بالعض على أصل شجرة والعض هو الأخذ بالأسنان والشد عليها والمراد المبالغة في الاعتزال
وقبل المباشرة في ذكر فوائد هذا الحديث أضع أخي الحبيب أمام عينيك هذه الحقائق فتدبرها يرحمك الله :
الأولى : نجد أن الحديث يخبر عن زمن سيأتي لاحقاً ، حيث يكون الخير فيه ليس بخالص ولا نقي ، بل فيه دَخَن وكدورة يكدران صفائه وبهائه ، حيث يتجلى فيه رجال يستنون بغير سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرف الناس منهم أشياء وينكرون أخرى .
قال أبن حجر في (( فتح الباري : 13/ 36 )) : (( الدخن هو الحقد ، وقيل الدغل وقيل : فساد القلب ، ومعنى الثلاثة متقارب ، يشير إلى أن الخير الذي يجيء بعد الخير لا يكون خالصاً بل فيه كدر .
وقيل : المراد بالدخن كل أمر مكروه .. ))
الثانية : ونجد أيضا أن الحديث يتدرج في الأحداث والوقائع ، ليخبر عن زمن سيلحق الزمن المذكور آنفاً يكون الشر فيه خالصاً وشاملاً ومطبِقاً ، ويتمخض عن أحداث عظيمة وشرور جسيمة
1 ) ظهور أناس من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا سماهم النبي - صلى الله عليه وسلم - (( دعاة على أبواب جهنم ، من أجابهم إليها قذفوه فيها )) يدعون الناس إلى الجنة بأقوالهم ، ولكن أفعالهم تأبى ذلك حيث تناقض ما يقولون ويُنظِّرون .
قال أبن القيم رحمه الله في (( الفوائد 61 )) : (( علماء السوء جلسوا على باب الجنة يدعون الناس إليها بأقوالهم ويدعون إلى النار بأفعالهم ، فكلما قالت أفواههم للناس هلموا ، قالت أفعالهم : لا تسمعوا منهم فلو كان ما دعوا إليه حقاً كانوا أول المستجيبين له ، فهم في الصورة أدلاء وفي الحقيقة قطاع طرق )) .
2 ) تقاذف الناس بأرواحهم نحو أحزاب وفرق وطوائف مزقت الأمة وأذهبت ريحها ، وكأن الله لا يعبد بنظرهم إلا عن طريق حزب أو طائفة .
3 ) خلو هذا الزمان من جماعة للمسلمين تجمعهم وإمام يقودهم .
4 ) وعلى ضوء ما سبق ذكره في النقطة السابقة فإن الحكم النبوي في هكذا زمان يشير إلى وجوب اعتزال تلك الفرق والأحزاب وعدم الانخراط فيها : (( فاعتزل تلك الفرق كلها ، ولو أن تعض بأصل شجرة ، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك )) .
الفائدة الأولى : (( كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي )) .
هذا يدل على مدى حرص حذيفة رضي الله عنه على معرفة الشر ، وقد علل هذا الحرص بأمرين :
الأمر الأول : قوله : (( مخافة أن يدركني )) أي الشر فلا يعرفه فيقع في مزالقه الوعرة ، فأراد معرفة ذلك لتوقيه واجتنابه ، فقال كما في رواية عبد الرحمن بن قرط (( وكنت أسأله عن الشر كما أعرفه فأتقيه )) .
كما أن الضد ـ وهو الخير ـ لا يُعرف حسنه إلا بمعرفة ما يضاده ويناقضه ، وكما قيل :
عرفتُ الشرَّ لا للشرِّ لكنْ لتوقِّيه ... ومن لا يعرِفِ الشرَّ من الناس يقَعْ فيهِ
وأما الأمر الثاني : فلمعرفته ( رضي الله عنه ) أن معرفة الخير سهلة متيسرة ، مثلما بَيَّن ذلك في رواية عبد الرحمن بن قرط قوله : (( وعلمت أن الخير لا يفوتني )) .
عن إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ (( كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ .
قَالَ : (( نَعَمْ )) .
فَقُلْتُ : هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ ؟ .
قَالَ : (( نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ )) .
قُلْتُ : وَمَا دَخَنُهُ ؟ .
قَالَ : (( قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ )). فَقُلْتُ : هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ .
قَالَ : (( نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا )) .
فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا .
قَالَ : (( نَعَمْ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا )) .
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ ؟ .
قَالَ : (( تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ )) .
فَقُلْتُ : فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ ؟ .
قَالَ : (( فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا ، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ )).
2 ) عَنْ أَبِي سَلَّامٍ قَالَ : قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ .
قَالَ : (( نَعَمْ )) .
قُلْتُ : هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ ؟ .
قَالَ : (( نَعَمْ )) .
قُلْتُ : فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ .
قَالَ : (( نَعَمْ )) .
قُلْتُ : كَيْفَ ؟ .
قَالَ : (( يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي ، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ )) .
قَالَ : قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ ؟ .
قَالَ : (( تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ ، وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ )).
3 ) عن عبد الرحمن بن قرط قال: دخلنا مسجد الكوفة فإذا حلقة وفيهم رجل يحدثهم فقال : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر كما أعرفه فأتقيه ، وعلمت أن الخير لا يفوتني ، قلت: يا رسول الله، هل بعد الخير من شر ؟! .
قال : (( يا حذيفة تعلم كتاب الله واعمل بما فيه )) ، فأعدت عليه القول ثلاثاً فقال في الثالثة : (( فتنة واختلاف ))
قلت : يا رسول الله، هل بعد ذلك الشر من خير؟ .
قال : (( يا حذيفة تعلم كتاب الله واعمل بما فيه ثلاثا ، ثم قال في الثالثة : هدنة على دخن ، وجماعة على قذى فيها )) .
قلت : يا رسول الله؛ هل بعد ذلك الخير من شر ؟ .
قال : (( يا حذيفة تعلم كتاب الله واعمل بما فيه ثلاثاً ، ثم قال في الثالثة فتن على أبوابها دعاة إلى النار فلأن تموت وأنت عاض على جذل خير لك من أن تتبع أحدا منهم )).
4 ) وقد جمع العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى زوائد هذه الحديث في سلسلته الصحيحة وضم بعضها إلى بعض فقال : قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير ، و كنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت :يا رسول الله ! إنا كنا في جاهلية و شر فجاءنا الله بهذا الخير [ فنحن فيه ]،[ وجاء بك ]، فهل بعد هذا الخير من شر [ كما كان قبله ؟ ] . [ قال : " يا حذيفة تعلم كتاب الله و اتبع ما فيه ، ( ثلاث مرات ) " . قال : قلت : يا رسول الله ! أبعد هذا الشر من خير ؟ ] . قال : (( نعم )) .
[ قلت : فما العصمة منه ؟ قال : "السيف " ] . قلت : و هل بعد ذلك الشر من خير ؟ ( و في طريق : قلت : و هل بعد السيف بقية ؟ ) قال : " نعم ، و فيه ( و في طريق : تكون إمارة ( و في لفظ :
جماعة ) على أقذاء ، و هدنة على ) دخن " . قلت : و ما دخنه ؟ .
قال : "قوم ( وفي طريق أخرى : يكون بعدي أئمة [ يستنون بغير سنتي و ] ، يهدون بغير هديي تعرف منهم و تنكر ، [ و سيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين ، في جثمان إنس ]" . ( و في أخرى : الهدنة على دخن ما هي ؟ قال : " لا ترجع قلوب أقوام على الذي كانت عليه " ) . قلت :فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : " نعم ، [ فتنة عمياء صماء ، عليها ] دعاة على أبواب جهنم ، من أجابهم إليها قذفوه فيها " . قلت : يا
رسول الله ! صفهم لنا . قال : " هم من جلدتنا ، و يتكلمون بألسنتنا " . قلت : [ يا رسول الله ! ] فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ .
قال : " تلتزم جماعة المسلمين وإمامهم ، [ تسمع و تطيع الأمير و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك ، فاسمع و أطع ] " .
قلت : فإن لم يكن لهم جماعة و لا إمام ؟ قال : " فاعتزل تلك الفرق كلها ، و لو أن تعض بأصل شجرة ، حتى يدركك الموت و أنت على ذلك " .
( و في طريق ) : " فإن تمت يا حذيفة و أنت عاض على جذل خير لك من أن تتبع أحدا منهم " . ( و في أخرى )
: " فإن رأيت يومئذ لله عز وجل في الأرض خليفة ، فالزمه و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك ، فإن لم تر خليفة فاهرب [ في الأرض ] حتى يدركك الموت و أنت عاض على جذل شجرة " . [ قال : قلت : ثم ماذا ؟ قال : " ثم يخرج الدجال " . قال : قلت : فبم يجيء ؟ قال : " بنهر - أو قال : ماء و نار - فمن دخل نهره حط أجره و وجب وزره ، و من دخل ناره وجب أجره و حط وزره " . [ قلت : يا رسول الله : فما بعد الدجال ؟.
قال : " عيسى ابن مريم " ] .
قال : قلت : ثم ماذا ؟ قال : " لو أنتجت فرسا لم تركب فلوها حتى تقوم الساعة " ] "
قال الألباني في : (( السلسلة الصحيحة 6 / 541 )) : قلت : هذا حديث عظيم الشأن من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم و نصحه لأمته ، ما أحوج المسلمين إليه للخلاص من الفرقة والحزبية التي فرقت جمعهم و شتت شملهم ، و أذهبت شوكتهم ، فكان ذلك من أسباب تمكن العدو منهم ، مصداق قوله تبارك و تعالى : *( و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم ) .
و قد جاء مطولاً و مختصراً من طرق ، جمعت هنا فوائدها ، و ضممت إليه زوائدها في أماكنها المناسبة .
مفردات الحديث :
( أسأله عن الشر ) أستوضحه عنه .
( مخافة أن يدركني ) خوفا من أن أقع فيه أو أدرك زمنه .
( دخن ) من الدخان أي ليس خيرا خالصا بل فيه ما يشوبه ويكدره وقيل الدخن الأمور المكروهة .
( تعرف منهم وتنكر ) أي ترى منهم أشياء موافقة للشرع ، وأشياء مخالفة له .
( جلدتنا ) من أنفسننا وقومنا وقيل هم في الظاهر مثلنا ومعنا وفي الباطن مخالفون لنا في أمورهم وشؤونهم وجلدة الشيء ظاهره .
( جماعة المسلمين ) عامتهم التي تلتزم بالكتاب والسنة .
( إمامهم ) أميرهم العادل الذي اختاروه ونصبوه عليهم .
( تعض بأصل شجرة ) أي حتى ولو كان الاعتزال بالعض على أصل شجرة والعض هو الأخذ بالأسنان والشد عليها والمراد المبالغة في الاعتزال
وقبل المباشرة في ذكر فوائد هذا الحديث أضع أخي الحبيب أمام عينيك هذه الحقائق فتدبرها يرحمك الله :
الأولى : نجد أن الحديث يخبر عن زمن سيأتي لاحقاً ، حيث يكون الخير فيه ليس بخالص ولا نقي ، بل فيه دَخَن وكدورة يكدران صفائه وبهائه ، حيث يتجلى فيه رجال يستنون بغير سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرف الناس منهم أشياء وينكرون أخرى .
قال أبن حجر في (( فتح الباري : 13/ 36 )) : (( الدخن هو الحقد ، وقيل الدغل وقيل : فساد القلب ، ومعنى الثلاثة متقارب ، يشير إلى أن الخير الذي يجيء بعد الخير لا يكون خالصاً بل فيه كدر .
وقيل : المراد بالدخن كل أمر مكروه .. ))
الثانية : ونجد أيضا أن الحديث يتدرج في الأحداث والوقائع ، ليخبر عن زمن سيلحق الزمن المذكور آنفاً يكون الشر فيه خالصاً وشاملاً ومطبِقاً ، ويتمخض عن أحداث عظيمة وشرور جسيمة
1 ) ظهور أناس من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا سماهم النبي - صلى الله عليه وسلم - (( دعاة على أبواب جهنم ، من أجابهم إليها قذفوه فيها )) يدعون الناس إلى الجنة بأقوالهم ، ولكن أفعالهم تأبى ذلك حيث تناقض ما يقولون ويُنظِّرون .
قال أبن القيم رحمه الله في (( الفوائد 61 )) : (( علماء السوء جلسوا على باب الجنة يدعون الناس إليها بأقوالهم ويدعون إلى النار بأفعالهم ، فكلما قالت أفواههم للناس هلموا ، قالت أفعالهم : لا تسمعوا منهم فلو كان ما دعوا إليه حقاً كانوا أول المستجيبين له ، فهم في الصورة أدلاء وفي الحقيقة قطاع طرق )) .
2 ) تقاذف الناس بأرواحهم نحو أحزاب وفرق وطوائف مزقت الأمة وأذهبت ريحها ، وكأن الله لا يعبد بنظرهم إلا عن طريق حزب أو طائفة .
3 ) خلو هذا الزمان من جماعة للمسلمين تجمعهم وإمام يقودهم .
4 ) وعلى ضوء ما سبق ذكره في النقطة السابقة فإن الحكم النبوي في هكذا زمان يشير إلى وجوب اعتزال تلك الفرق والأحزاب وعدم الانخراط فيها : (( فاعتزل تلك الفرق كلها ، ولو أن تعض بأصل شجرة ، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك )) .
الفائدة الأولى : (( كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي )) .
هذا يدل على مدى حرص حذيفة رضي الله عنه على معرفة الشر ، وقد علل هذا الحرص بأمرين :
الأمر الأول : قوله : (( مخافة أن يدركني )) أي الشر فلا يعرفه فيقع في مزالقه الوعرة ، فأراد معرفة ذلك لتوقيه واجتنابه ، فقال كما في رواية عبد الرحمن بن قرط (( وكنت أسأله عن الشر كما أعرفه فأتقيه )) .
كما أن الضد ـ وهو الخير ـ لا يُعرف حسنه إلا بمعرفة ما يضاده ويناقضه ، وكما قيل :
عرفتُ الشرَّ لا للشرِّ لكنْ لتوقِّيه ... ومن لا يعرِفِ الشرَّ من الناس يقَعْ فيهِ
وأما الأمر الثاني : فلمعرفته ( رضي الله عنه ) أن معرفة الخير سهلة متيسرة ، مثلما بَيَّن ذلك في رواية عبد الرحمن بن قرط قوله : (( وعلمت أن الخير لا يفوتني )) .
- G F Xعضو متألق
- [ ڪِتـابَاتِيّ : 301
- [ آلتًسجيلٍ » : 13/07/2013
رد: الفوائد من حديث حذيفة ( رضي الله عنه ) || 1 ||
الجمعة 7 مارس 2014 - 15:17
موضوع رائع , بوركت
- Sa3B 2nSaKمؤسس مجتمع حروف
- [ ڪِتـابَاتِيّ : 6440
[ جِنسك :
- [ آلتًسجيلٍ » : 09/07/2013
رد: الفوائد من حديث حذيفة ( رضي الله عنه ) || 1 ||
الثلاثاء 20 مايو 2014 - 22:14
تسلم على الموضوع يا عمرو
- أمـيـر الـشـوقعضو متألق
- [ ڪِتـابَاتِيّ : 138
[ جِنسك :
- [ آلتًسجيلٍ » : 05/06/2014
رد: الفوائد من حديث حذيفة ( رضي الله عنه ) || 1 ||
الخميس 5 يونيو 2014 - 21:02
شـــــكـــــرا لــــك
واصـــــل بــــدون فـــواصل
بـــــــــــوركـــــــــــــــــــت
تــــــــم التـــــــقــــيـــيــــم ب زائد للأخ عمرو المصرى
واصـــــل بــــدون فـــواصل
بـــــــــــوركـــــــــــــــــــت
تــــــــم التـــــــقــــيـــيــــم ب زائد للأخ عمرو المصرى
- MEhDIعضو متألق
- [ ڪِتـابَاتِيّ : 896
[ جِنسك :
- [ آلتًسجيلٍ » : 07/03/2014
رد: الفوائد من حديث حذيفة ( رضي الله عنه ) || 1 ||
السبت 7 يونيو 2014 - 20:34
موضوع رائع بارك الله فيك
- شرح حديث: ((من أفطر في رمضان متعمداً لا يقبل الله منه صوماً...)) ما معنى حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من أفطر في رمضان متعمداً لا يقبل الله منه صوماً وإن صام الدهر كله)) وإن أفطر متعمداً ثم تاب فهل يقبل الله منه توبته؟
- حديث: (يا عباد الله أغيثوني) لا يصح
- حديث جبريل مع الرسول (((صلي الله علية وسلم)))
- حديث جميل عن رحمة الله في الحسنات والسيئات
- حديث موضوع في عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل أول الدعوة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى