سلسلة هلموا فلنتفكر
+2
Sa3B 2nSaK
عمرو المصرى
6 مشترك
- عمرو المصرىعضو متألق
- [ ڪِتـابَاتِيّ : 1536
[ جِنسك :
- [ آلتًسجيلٍ » : 23/08/2013
سلسلة هلموا فلنتفكر
الأربعاء 23 أكتوبر 2013 - 20:00
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
{قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا..}
عندما يتجرد الإنسان للحق، ويدور مع الدليل حيث دار، ويتخلص من حظوظ النفس وميولها وهواها، ويُخْلص المتابعة والقبول والانقياد لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، يجد روحه ترفرف في سماء النور والمعرفة والتوفيق، بعيدا عن القيود المذهبية وعقبات التقليد التي تميل به عن جادة الطريق لتسلك به طرقاً ملتوية تجعله يُقدّم هواه أو رأي شيخه على الدليل، أو يلوي أعناق النصوص ويفسرها بما يوافق هواه أو مذهبه.
إن التفطن والحذر من غوائل النفس وأهوائها وإراداتها أمر حرص عليه السلف الصالح لعلمهم أنها تورد الإنسان المهالك، وتُجرئه على اقتحام الحرمات.
إن طريقة السلف الصالح هي طلب الدليل وبناء الاعتقاد والعمل عليه، وبذلك سلكوا طريق الاتباع الصحيح.
بينما طريقة أهل الأهواء هي الاعتقاد ثم الاستدلال وهذا ما أوقعهم في تحريف النصوص في أحيان وإنكارها في أحيان أخرى، إذا خالفت تلك النصوص عقائدهم.
وهؤلاء لم يتجردوا للحق ولم يطلبوا الدليل للعمل به، إنما اعتقدوا أمورا ثم طلبوا النصوص الشرعية لكي يُخضعوها بما يوافق اعتقادهم حتى لو أدى ذلك إلى حمل النصوص على غير محاملها وتفسيرها بغير المراد منها.
ومن الامثلة على ذلك:
ما يستدل به كثير من العلماء وطلبة العلم في مسألة الحاكمية بقول ابن عباس رضي الله عنهما لما حكم الخوارج بكفر بعض حكام الخلافة الأموية لِما يقع منهم من ظلم مستدلين بقول الله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون).
قال ابن عباس رضي الله عنه: هو كفر دون كفر.
لنا مع هذا الاستدلال وقفتان:
الوقفة الأولى: ضعف إسناد هذا الأثر، لأن في إسناده هشام بن حجير، وهو ضعيف.
الوقفة الثانية: حتى لو قلنا بصحة هذا الأثر، فإن أمامنا أمرين لابدّ من النظر والتأمل فيهما:
- الأول: الاستدلال بالآية: إذا نظرنا إلى سبب نزول الآية فإنّها نزلت في اليهود الذين بدّلوا حكم الزاني من الرجم إلى الضرب وتسويد الوجه، كما في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه، ولاشكّ أن المقصود في هذه الواقعة هو الكفر الأكبر.
إذاً فالآية نزلت في صورة الكفر الأكبر، وجاء أثر بن عباس[على فرض صحته] ليبين لنا أن الآية قد يراد منها الكفر الأصغر وهو ما عبّر عنه بكفر دون كفر.
الثاني:إذا تبين هذا فلابدّ أن ننظر إلى الصورة والحالة التي نزلت فيها الآية فنحكم على من وقعت منه بحكم القرآن على اليهود وهو الكفر الأكبر، وننظر إلى الصورة والحالة التي فسّر فيها ابن عباس الكفر بالكفر الأصغر فنحكم على من وقع في مثل تلك الصورة بحكم ابن عباس رضي الله عنهما.
إن الذي وقع من اليهود هو تبديل حكم الله بغيره وهذا فيه معنى المنازعة لله في التشريع ودفع حكم الله، وهذا كفر أكبر.
أما حكام بني أمية فإنهم لم يُبدلوا أحكام الله تعالى ولم يستبدلوا شرع الله بغيره، بل كان دستورهم الوحيد هو الشرع، ولكن كان يقع من بعضهم ظلم وإجحاف، وهذا من جنس المعاصي وليس فيه معنى المنازعة لله ودفع حكم الله.
إذا تبين هذا فانظر إلى الحكام اليوم وما يقع منهم من تنحية شرع الله واستبدال أحكامه بأحكام مستمدة من القوانين الكفرية، ثم قارن هذه الصورة بالصورتين السابقتين، سوف تجد أنها موافقة للصورة التي حكم القرآن على أهلها بالكفر الأكبر، بل إذا قارنا ما يفعله حكامنا اليوم مع ما فعله اليهود الذين نزلت فيهم الآية فإننا نجد أن حكامنا وقعوا في كفر أشد مما وقع فيه اليهود حينذاك، وذلك أن القرآن كفّر اليهود لاستبدالهم حكم الرجم وحكامنا اليوم قد استبدلوا معظم الشريعة بالقوانين الوضعية، فلا شك أن كفرهم في هذا الباب أشد وأغلظ.
وحكم بني أمية الذي قال فيه ابن عباس: كفر دون كفر، لا يوافق ولا يشابه حال الحكام اليوم.
إذا عرفت هذا: أليس من الظلم ووضع الامور في غير مواضعها أن نُنزل قول ابن عباس الذي قاله في بني أمية على حكامنا اليوم مع اختلاف الصورة تماماً.
أليس من الظلم أن نعرف الصورة التي نزلت فيه الآية ثم لا نُنزل حكمها على الصورة التي تماثلها وتوافقها، بل هي أشد وأغلظ منها؟!
إن الذين يستدلون بقول ابن عباس الذي قاله في واقع معين، ثم يقيسون عليه واقعاً مغايراً تماماً لذلك الواقع هم قد وقعوا في خطئين عظيمين:
الأول: إهمال حكم القرآن وعدم إنزاله في موضعه اللائق به.
الثاني: إنزال فتوى ابن عباس في غير موضعها.
فيا علماءنا ويا طلبة العلم، أليس هذا من نحريف النصوص؟!
فهل هذا هو مذهب السلف؟!
نسأل الله الهداية والتوفيق والسداد
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
{قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا..}
عندما يتجرد الإنسان للحق، ويدور مع الدليل حيث دار، ويتخلص من حظوظ النفس وميولها وهواها، ويُخْلص المتابعة والقبول والانقياد لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، يجد روحه ترفرف في سماء النور والمعرفة والتوفيق، بعيدا عن القيود المذهبية وعقبات التقليد التي تميل به عن جادة الطريق لتسلك به طرقاً ملتوية تجعله يُقدّم هواه أو رأي شيخه على الدليل، أو يلوي أعناق النصوص ويفسرها بما يوافق هواه أو مذهبه.
إن التفطن والحذر من غوائل النفس وأهوائها وإراداتها أمر حرص عليه السلف الصالح لعلمهم أنها تورد الإنسان المهالك، وتُجرئه على اقتحام الحرمات.
إن طريقة السلف الصالح هي طلب الدليل وبناء الاعتقاد والعمل عليه، وبذلك سلكوا طريق الاتباع الصحيح.
بينما طريقة أهل الأهواء هي الاعتقاد ثم الاستدلال وهذا ما أوقعهم في تحريف النصوص في أحيان وإنكارها في أحيان أخرى، إذا خالفت تلك النصوص عقائدهم.
وهؤلاء لم يتجردوا للحق ولم يطلبوا الدليل للعمل به، إنما اعتقدوا أمورا ثم طلبوا النصوص الشرعية لكي يُخضعوها بما يوافق اعتقادهم حتى لو أدى ذلك إلى حمل النصوص على غير محاملها وتفسيرها بغير المراد منها.
ومن الامثلة على ذلك:
ما يستدل به كثير من العلماء وطلبة العلم في مسألة الحاكمية بقول ابن عباس رضي الله عنهما لما حكم الخوارج بكفر بعض حكام الخلافة الأموية لِما يقع منهم من ظلم مستدلين بقول الله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون).
قال ابن عباس رضي الله عنه: هو كفر دون كفر.
لنا مع هذا الاستدلال وقفتان:
الوقفة الأولى: ضعف إسناد هذا الأثر، لأن في إسناده هشام بن حجير، وهو ضعيف.
الوقفة الثانية: حتى لو قلنا بصحة هذا الأثر، فإن أمامنا أمرين لابدّ من النظر والتأمل فيهما:
- الأول: الاستدلال بالآية: إذا نظرنا إلى سبب نزول الآية فإنّها نزلت في اليهود الذين بدّلوا حكم الزاني من الرجم إلى الضرب وتسويد الوجه، كما في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه، ولاشكّ أن المقصود في هذه الواقعة هو الكفر الأكبر.
إذاً فالآية نزلت في صورة الكفر الأكبر، وجاء أثر بن عباس[على فرض صحته] ليبين لنا أن الآية قد يراد منها الكفر الأصغر وهو ما عبّر عنه بكفر دون كفر.
الثاني:إذا تبين هذا فلابدّ أن ننظر إلى الصورة والحالة التي نزلت فيها الآية فنحكم على من وقعت منه بحكم القرآن على اليهود وهو الكفر الأكبر، وننظر إلى الصورة والحالة التي فسّر فيها ابن عباس الكفر بالكفر الأصغر فنحكم على من وقع في مثل تلك الصورة بحكم ابن عباس رضي الله عنهما.
إن الذي وقع من اليهود هو تبديل حكم الله بغيره وهذا فيه معنى المنازعة لله في التشريع ودفع حكم الله، وهذا كفر أكبر.
أما حكام بني أمية فإنهم لم يُبدلوا أحكام الله تعالى ولم يستبدلوا شرع الله بغيره، بل كان دستورهم الوحيد هو الشرع، ولكن كان يقع من بعضهم ظلم وإجحاف، وهذا من جنس المعاصي وليس فيه معنى المنازعة لله ودفع حكم الله.
إذا تبين هذا فانظر إلى الحكام اليوم وما يقع منهم من تنحية شرع الله واستبدال أحكامه بأحكام مستمدة من القوانين الكفرية، ثم قارن هذه الصورة بالصورتين السابقتين، سوف تجد أنها موافقة للصورة التي حكم القرآن على أهلها بالكفر الأكبر، بل إذا قارنا ما يفعله حكامنا اليوم مع ما فعله اليهود الذين نزلت فيهم الآية فإننا نجد أن حكامنا وقعوا في كفر أشد مما وقع فيه اليهود حينذاك، وذلك أن القرآن كفّر اليهود لاستبدالهم حكم الرجم وحكامنا اليوم قد استبدلوا معظم الشريعة بالقوانين الوضعية، فلا شك أن كفرهم في هذا الباب أشد وأغلظ.
وحكم بني أمية الذي قال فيه ابن عباس: كفر دون كفر، لا يوافق ولا يشابه حال الحكام اليوم.
إذا عرفت هذا: أليس من الظلم ووضع الامور في غير مواضعها أن نُنزل قول ابن عباس الذي قاله في بني أمية على حكامنا اليوم مع اختلاف الصورة تماماً.
أليس من الظلم أن نعرف الصورة التي نزلت فيه الآية ثم لا نُنزل حكمها على الصورة التي تماثلها وتوافقها، بل هي أشد وأغلظ منها؟!
إن الذين يستدلون بقول ابن عباس الذي قاله في واقع معين، ثم يقيسون عليه واقعاً مغايراً تماماً لذلك الواقع هم قد وقعوا في خطئين عظيمين:
الأول: إهمال حكم القرآن وعدم إنزاله في موضعه اللائق به.
الثاني: إنزال فتوى ابن عباس في غير موضعها.
فيا علماءنا ويا طلبة العلم، أليس هذا من نحريف النصوص؟!
فهل هذا هو مذهب السلف؟!
نسأل الله الهداية والتوفيق والسداد
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
- Sa3B 2nSaKمؤسس مجتمع حروف
- [ ڪِتـابَاتِيّ : 6440
[ جِنسك :
- [ آلتًسجيلٍ » : 09/07/2013
رد: سلسلة هلموا فلنتفكر
الخميس 24 أكتوبر 2013 - 5:56
موضوع رائع
تسلم ايدك يا عمرو
تسلم ايدك يا عمرو
- PrinceSs ZOzoعضو متألق
- [ ڪِتـابَاتِيّ : 1057
[ جِنسك :
- [ آلتًسجيلٍ » : 11/07/2013
رد: سلسلة هلموا فلنتفكر
الجمعة 25 أكتوبر 2013 - 15:55
شكرا لك
- G F Xعضو متألق
- [ ڪِتـابَاتِيّ : 301
- [ آلتًسجيلٍ » : 13/07/2013
رد: سلسلة هلموا فلنتفكر
الجمعة 14 فبراير 2014 - 16:35
موضوع رائع
بوركت
بوركت
- Mr.MaTriXعضو مجتمع حروف
- [ ڪِتـابَاتِيّ : 5
[ جِنسك :
- [ آلتًسجيلٍ » : 15/02/2014
رد: سلسلة هلموا فلنتفكر
السبت 15 فبراير 2014 - 22:41
بارك الله فيك
- ميرو السندبادعضو متألق
- [ ڪِتـابَاتِيّ : 56
[ جِنسك :
- [ آلتًسجيلٍ » : 14/02/2014
رد: سلسلة هلموا فلنتفكر
الأحد 16 فبراير 2014 - 2:35
جزاك الله كل خير علي هذا الموضوع الرائع
سلمت وسلمت يداك
سلمت وسلمت يداك
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى