شريف عصام البدالى يكتب: برادفورد المصرية الخميس، 17 يوليو 2014 - 16:33

طلعت حرب باشا

منذ ما يقرب من ستة وسبعين عامأ وبالتحديد فى عام 1938، وقع طلعت حرب باشا اتفاق شراكة بين مجموعة شركات بنك مصر وشركة برادفورد الإنجليزية لإنشاء مصنع تجهيز الأقمشة والصباغة فى كفر الدوار، ليكون صورة طبق الأصل من نظيره فى مدينة برادفورد بإنجلترا، وذلك برأس مال قدرة 250,000 جنيهاً مصرياً، تمتلك برادفورد 80% من الأسهم فى حين يمتلك بنك مصر الـ 20% الباقية، وقد شهدت الشركة فى بدايتها نمواً سوقياً سريعاً جداً لدرجة أنها استحوذت على حصة سوقية اقتربت من 75% فى السوق المصرية فى الفترة ما بين 1938 إلى 1941 .

وقد استعانت الشركة بالمعماريين السويسريين جون سيرجيانت وماكس زوليكزفر لتصميم المدينة السكنية للعاملين بالشركة، لتكون من أوائل المدن السكنية الصناعية فى مصر وقد تم تصميمها على النسق الأوروبى تحتوى على سوق ومسجد ودار سينما ونادى رياضى واجتماعى ومستشفى طبى، مما أغرى الكثيرين فى هذا الوقت بالهجرة وبداية حياة جديدة فى هذه المستعمرة الأوروبية، وتضم البيضا مبانى على طراز معمارى خاص ومميز وضعت على قائمة الجهاز القومى للتنسيق الحضارى مثل مبنى استراحة الشركة الذى يقع على مقربة من المدينة السكنية.

وقد تم تـأسيس الشركة بالأساس لتقوم بصباغة وتبييض وتجهيز كل الأقمشة التى تنتجها رفيقتها شركة مصر للغزل والنسيج الرفيع بكفر الدوار، التى أنشئت فى نفس الوقت وقد قدر عدد عمال الشركتان بما يزيد عن أحد عشر ألفاً من العمال والمهندسين والموظفين.

وظلت برادفورد تمد صباغى البيضا بكل تقنيات وابتكارات الصناعة وكانت بمثابة بيت خبرة عالمى لها يمدها بأحدث التقنيات حتى قام الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم شركة صباغى البيضا فى عام 1956 وضُمت إلى شركات القطاع العام المصرى.

وخرجت صباغى البيضا الآن من سباق الشركات، فآخر تحديث للماكينات كان منذ ما يقرب من عشرين عاماً والآن تعمل بما يقل عن 10% من طاقتها الإنتاجية ولم تعد تسمى شركة بالأساس بعدما بدأ مشروع خصخصة القطاع العام، وإحالة ما يقرب من 80% من عمالها وموظفيها للمعاش المبكر وزاد الطين بلة عندما محيت صباغى البيضا من السجلات بضمها إلى شركة مصر للغزل والنسج عام 2008، وأصبحت لاعبا ثانويا لا ينظر له بعين الاعتبار، وأصبحت صباغى البيضا عزيز قوم ذل.

فالتقدم والنمو الاقتصادى لا يلزم إعادة اختراع العجلة من جديد.. فما المانع من البناء على إنجازات الماضى.. فلدينا شركات وخبرات لا تقدر بثمن.. ما المانع من إعادة إحياء صناعات تميزت ونجحت فيها مصر ولديها بنيتها الأساسية.. أتمنى أن ينظر بعين الاعتبار إلى ما كانت فى مصر عماد الصناعة والاقتصاد فى مصر.

شكرا