أين رجال اليوم من غلامي بدر

أين رجال اليوم من غلامي بدر

هذا مشهد من معركة بدر ( الفرقان )، أبطاله أشبال العقيدة، أبطاله أشبال التوحيد، ما قرأت هذا المشهد قطّ إلا واغرورقت عيناي بالدموع، وشعرت بحرارةٍ في قلبي ودفءٍ يجري في شراييني.... وحتى لا تعجب، فاقرأ ما قاله عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه:( بينا أنا واقف في الصف يوم بدر، فنظرت عن يميني وعن شمالي، فإذا أنا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهما تمنيت أن أكون بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما، فقال سراً من صاحبه: يا عم، هل تعرف أبا جهل؟ قلت: نعم، ما حاجتك إليه يا ابن أخي؟ قال: أخبرت أنه يسبّ رسول الله صلى الله عليه و سلم، والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا. فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر، فقال لي سراً من صاحبه مثلها. فما سرني أني بين رجلين مكانهما، فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس، قلت: ألا إن هذا صاحبكما الذي سألتماني. فابتدراه فشدا عليه مثل الصقرين بسيفهما، فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبراه، فقال:" أيكما قتله". قال كل واحد منهما: أنا قتلته. فقال:" هل مسحتما سيفيكما؟". قالا: لا. فنظر في السيفين فقال:" كلاكما قتله، سلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح ". وكانا معاذ بن عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح )[1].
وكأن لسان حالهما يقول: كيف أمشي على أرضٍ يمشي عليها من سبّ النبي محمد صلى الله عليه و سلم، فأين رجال اليوم من غلامي بدر.
[1] أخرجه البخاري في صحيحه ( 3141 ، 3964 ، 3988 )، و مسلم في صحيحه عند كتاب الجهاد و السير ( 42 ).